محاصرة المرأة في تعلم الموسيقى
بعض الأخبار صادمة وتدعو إلى التأمل، كيف أن بعضنا ما زال يعيش مرحلة الصحوة التي خطفت المجتمع في مرحلة ثمانينات القرن الماضي، إذ يبدو نتاجها أنه معشش في فكر الكثير منا، وليس شرطاً أن يكونوا على علاقة بتلك المرحلة.
نشر أخيراً عن انتظام النساء في دورات الموسيقى في المعاهد الخاصة، ولكن بشرط موافقة ولي الأمر، وضرورة حضوره شخصياً والتوقيع على ورقة تفيد بموافقته على دراسة قريبته الموسيقى، وأضاف الخبر أن تلك الدورات الموسيقية تشهد إقبالاً لافتاً من الفتيات في الفترة الأخيرة.
لا أكون مبالغاً إذا قلت إن الحضور الموسيقي الفني الطبيعي وأشكال الفنون الأخرى من مسرح وسينما في أي مجتمع تدل على انفتاحه وإبداعه والعكس في حال غيابها، كما أن سمات التوحش والعنف في بعض المجتمعات دليل على غياب هذه الفنون، والشباب خصوصاً في حاجة إلى التعبير عن طاقتهم في هذه المرحلة العمرية الحساسة، وإغلاق المجال أمامهم باسم الدين والعادات توجههم إلى تبني فكر متطرف ومتشدد يقود بعضهم إلى الانضمام إلى الحركات الإرهابية.
عندما نسافر حول العالم نشاهد المارة في شوارع المدن العالمية وهم يعزفون على آلاتهم للعامة ويحصلون على مبالغ زهيدة، وهذا دليل على حضور الفن في مشهد تلك المدن.
عندنا تعيش سنوات في مدننا الكبيرة ولن تشاهد إنساناً ليس يعزف في أزقتها، بل من يحمل آلة موسيقية، وهذا لأننا نعيش في حال من التناقض وثقافة العيب في حياتنا، فعلى رغم محاصرة الفن في مشهدنا الاجتماعي إلا أن من يتسيد الساحة الفنية على المستوي الخليجي هم فنانون وفنانات من بلدنا. إذا اسمحوا بتعليم الموسيقى والفنون الأخرى للكل، وشجعوها من دون عقد اجتماعية لفئة تدعي أنها هي حامية القيم والأخلاق.
علينا تشجيع شباننا وشاباتنا في الانتظام في مثل هذه الدورات، بل على الجهات الرسمية المعنية بهذا المجال التوسع في إنشاء معاهد لتعليم الموسيقى وفق ضوابط محددة، والبعد عن الوصاية من البعض على أولادهم وبناتهم في تعلم الفنون، وإذا استمررنا في هذا التناقض فإننا سنعيش حالاً من الانفصام والاستمرار في الظلام. علينا الثقة بهم وتشجيعهم على مثل هذه الهوايات الراقية. وأختم بقول الإمام أبوحامد الغزالي: «من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج، ما له من علاج».
نقلا عن الحياة
لا يوجد تعليقات